قساوة القلب
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قساوة القلب
[اسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته[/size]
قساوة القلب
قساوة القلب لها اتجاهان: قساوة فى التعامل مع الناس، وقساوة فى التعامل مع الله. أما القساوة فى التعامل مع الله، فهى الرفض المستمر للحياة مع الله ولطاعة وصاياه، وإغلاق القلب تجاه محبته، وعدم الانجذاب نحو إحسانات الله التى يظهرها للانسان فى عديد من المناسبات...
أما القسوة فى التعامل مع الناس، فمظهرها قسوة المعاملة، والكلمة القاسية، والنظرة القاسية، والعقوبة القاسية، والتوبيخ القاسى. وقد تكون القسوة على الجسد فى تعذيبه، أو قد تكون القسوة على النفس فى إذلالها وسحقها، والتشهير بها، والعنف فى معاملتها
والانسان الخاطئ يقع فى هذين النوعين من القساوة.
وعكس القوة: الرحمة والحنو والعطف والإشفاق...
***
إن القسوة كثيراً ما تكون مظهراً أو نتيجة لكبرياء القلب
وعلى القساة أن يحترسوا، وليخافوا على انفسهم من قساوة قلوبهم. لئلا يلاقوا نفس المعاملة. وبالكيل الذى به يكيلون، يُكال لهم ويزاد! فإن القسوة مكروهة من الكل. كما كانت قسوة فرعون الذى ما كان يلين مطلقاً ولا يتوب..
أما القلب الطيب، فإنه قريب جداً من الله، فهو كعجينة لينة فى يد الله يشكلّها مثلما يشاء. وعكس ذلك القساة لأن قلوبهم صخرية صلبة، لا تستجيب لعمل النعمة فيها!
القلب القاسى – من جهة الحياة الروحية – يعيش فى جو من اللامبالاة! كلمة الله لا تترك تأثيرها فيه. فهو لا يتأثر بكلام الروح. بل قد يسخر منه ويتهكم، ويرفض السماع! تصبح وصايا الله ثقيلة عليه، بينما الثقل كله هو فى القلب!
إنه لا يتأثر إطلاقاً بأى دافع روحى. لا يتأثر بحنان الله، ولا حتى بإنذاراته وعقوباته! ولا يتأثر أيضاً بالأحداث مهما كانت خطيرة! لا يؤثر فيه مرض، ولا موت أحد أحبائه! ولا تؤثر فيه صلاة ولا عظة، ولا كلمة روحية. وكل إحسانات الله اليه، يقابلها بنكران الجميل، أو ينسبها الى أسباب بشرية!
***
وقساوة القلب تؤدى الى العناد والمكابرة. والشخص القاسى القلب، قد تشرح له خطأه لمدة ساعات، وكأنك لم تقل شيئاً! إنه لا يعترف بالخطأ، بل يصّر على موقفه. قلبه صخرى، لا يلين ولا يستجيب!
وبسبب إصراره وعناده وعدم استجابته، تتخلى عنه النعمة، وينحرف إلى الضياع! مثل هذا الإنسان، توبته ليست سهلة
الانسان الرقيق الحساس، دموعه قريبة. أما القاسى فيندر أن تبتل عيناه مهما كانت الأسباب! لأن الدموع دليل على رقة الشعور. أما القاسى فلا رقة فى مشاعره، سواء فى تعامله مع الله أو مع الناس.
***
قساوة القلب تقود أيضاً إلى الحدة والغضب...
فالشخص القاسى القلب تشتعل مشاعره ضد الآخرين بسرعة، ويحتّد ويثور، ويهدّد وينذر. ولا يحتمل أن يمسّه أحد بكلمة. وفى نفس الوقت لا يراعى شعور الآخرين. فيجرح مشاعر غيره بسهولة وفى لا مبالاة! ولا مانع عنده من أن يهين غيره ويشتمه ولا يبالى بوقع الألفاظ عليه...
وهنا يجمع بين أمرين متناقضين: فيكون حساساً جداً من جهة المعاملة التى يعامله بها الناس، بينما لا إحساس له! إطلاقاً من جهة تعامله هو مع الآخرين.!
فهو، إذا وبخّ غيره – بحق أو بغير حق – يكون كثير التوبيخ وعميقه. واذا غضب على أحد، يكون طويل الغضب وعنيفه..
فى قسوته لا يحتمل أحداً. ويريد أن يحتمله الكل! وعليهم ألاّ يثوروا بسبب ثورته عليهم، بل يتقبلوها كما لو كانوا يستحقون ما ينالهم منه!
وعموماً، فالقسوة منفرة. ومن يتصف بها يخسر من يتعامل معهم من الناس، ويفشل فى حياته الاجتماعية...
***
أسباب قسوة القلب
* ربما من أسباب هذه القسوة، طباع موروثة عن الآباء أو الأمهات..
وهنا قد يسأل البعض: ما ذنب انسان ورث طبعاً قاسياً؟ بينما غيره قد وُلد وديعاً، وليس فى حاجة الى بذل مجهود لمقاومة قسوة كالتى وُلد بها غيره..
وهنا نقول إن الطبع يمكن تغييره مهما كان موروثاً.. والذى يبذل جهداً لتغيير طبعه، تكون مكافأته عند الله أكثر...
* من أسباب قسوة القلب أيضاً، الكبرياء التى تدفع الإنسان الى أن يبالغ فى كرامته وعزة نفسه، ووجوب احترام الناس له، بأسلوب يجعله يقسو على كل شخص يظن أنه يمس كرامته بشئ!
والكبرياء تجعل القسوة تظهر فى ملامحه وفى نظراته، وفى حدة صوته، وفى نوعية ألفاظه، وطريقة معاملاته...
***
* ومما يقسّى القلب أيضاً، تأثير الآخرين: إما بأصدقاء يوحون اليه بمعانِِ جديدة عن القوة والبطولة، أو عن الحرية وما يلزم له من حقوق.. وهكذا يثور على كل سلطة أو رئاسة، سواء فى البيت أو فى الدراسة. بل قد يثور أيضاً على النظام وعلى القانون! ويرى الرجولة فى أن يفرض رأيه!
وفى بعض بلاد الغرب: كثير من الشباب – حينما يشعرون بنضوجهم – يرفضون الخضوع لآبائهم بحجة الحرية الشخصية! ويعتبر الشاب أن نصيحة والده له، هى مجرد رأى يمكن أن يأخذ به، أو لا يأخذ! وهكذا يتقسى قلبه من جهة والده. ويصر على أنه هو صاحب القرار، مهما كان قليل الخبرة فى الحياة!
***
يلزم اذن أن نربى أولادنا منذ طفولتهم المبكرة، حتى لا تتلفهم أفكار جديدة عليهم، تتلفهم وتقسى قلوبهم، وتدفعهم الى الجدل فى البديهات، والى رفض كل شئ لمجرد الرفض!
كدلك[/siz
[size=25]تلك الأفكار التى تصّور لهم الطاعة ضعفاً، والخضوع خنوعاً، والهدوء خوفاً وجبناً..!! وفى تقسية قلوبهم، تقلب لهم كل الموازين، فيفرحون بذلك إحساساً منهم بالوجود وبالشخصية...! وكما تصل اليهم تلك الأفكار من أشخاص، يمكن أن تصل اليهم من بعض الكتب والمطبوعات...
كدلك
]
كدلك[/siz
[size=25]تلك الأفكار التى تصّور لهم الطاعة ضعفاً، والخضوع خنوعاً، والهدوء خوفاً وجبناً..!! وفى تقسية قلوبهم، تقلب لهم كل الموازين، فيفرحون بذلك إحساساً منهم بالوجود وبالشخصية...! وكما تصل اليهم تلك الأفكار من أشخاص، يمكن أن تصل اليهم من بعض الكتب والمطبوعات...
كدلك
]
وما نقوله عن تأثر الصغار بأفكار غيرهم، يمكن أن نقوله عن الكبار أيضاً!
مثال ذلك فى محيط الأسرة: زوجة الأب التى تقسى قلب زوجها على أولاده من زوجة سابقة. وتظل تحدثه عن أخطائهم وخطورتها، حتى يثور عليهم ويقسو فى معاملتهم..! أو مثل أم تظل تصب فى أذن إبنها المتزوج أحاديث عن أخطاء زوجته، أو إهانات هذه الزوجة لها، حتى تتغير معاملته لزوجته ويقسو عليها...
فعلى كل إنسان أن يكون حريصاً، ولا يسمح للقسوة أن تزحف اليه من الآخرين، ولا يصدق كل ما يسمعه
كدلك
الغفلة عن ذكر الله:كدلك
إن الغفلة عن ذكر الله تسبب انصراف القلب عن التوجه لله سبحانه وبالتالي يقسو, والقلب القاسي بعيداً عن الله على عكس تماماً من يواظب على ذكر الله, يكون قلبه رطباً طرياً رحيماً صافياً, ومستوجباً للفلاح في الدنيا والآخرة ( واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون).[2]
أمَّا كثرة الكلام والثرثرة والخوض في أمور الناس تستوجب قساوة القلب, روي عن لسان عيسى المسيح عليه السلام:( لا تكثروا بالكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله...).[3] - الفرح بكثرة المال:
كثير من الناس تراهم يترددون على المساجد في حالة تديّن وتوجه لله وعندما يرزق بالخير الكثير من مال وعقار وغير ذلك لا ترى لهم أثراً في مسجد ولا مجلس ذكر وعندما تسأل عن حاله عن قرب تراه قد انجرف في متاهات الدنيا وزخرفها وشهواتها وجميع مادياتها.
وقضايا الأسهم خير شاهد على ذلك, ولو جلسنا نعدد قصصاً وأموراً واقعية حصلت لملأنا مئات الصفحات من المآسي التي تألم القلب على أحوال الناس وخاصة من كانوا متدينين ومتوجهين لله, وكيف أصبحوا بعيدين كل البعد عن الله بسبب توجههم للمال واهتمامهم به لدرجة أنستهم ذكر الله وانقطاعهم عن المساجد وتأخيرهم للصلاة هذا إذا بقيت الصلاة في مجال اهتمامهم, وإن صلوا, صلوا صلاة وملأ فكرهم و قلبهم الأسهم وقضايا المال, وهذا الأمر ليس وليد اليوم, بل أنها مشكلة الأنسان منذ القدم وحتى أيام رسول الله صلى الله عليه وآله ترى الناس حول رسوله مواظبين معه في المسجد ينهلون من منهله الروي, وعندما تكثر أموالهم تراهم غيّباً لاهين بالدنيا ومتاعها, ( وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائما .....).[4]
يروى أن أحد الصحابة طلب من الرسول صلى الله عليه وآله أن يدعو له أن يكثر الله غنمه ليصبح غنياً, فنصحه الرسول بأن هذا الحال أفضل له من الغنى, لكن الرجل لم يقبل وأصر وألح على الرسول أن يدعو له بأن يكثر الله غنمه ويصبح غنياً, استجاب له الرسول و دعا له, و بالفعل كثر الله غنمه وأصبح عنده قطيع من الغنم كبيرٌ جداً وكثرة أمواله إلى حد الثراء.
هذا الرجل كان يواظب على حضور الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله في كل يوم وجميع الفرائض, كلما ازداد الثراء تقطع عن الحضور, أصبح يحضر فريضة واحدة في اليوم ثم مرة واحدة في الأسبوع وثم مرة في الشهر وهكذا حتى انقطع بتاتاً عن الحضور في المسجد,وعندما جاء وقت الزكاة أرسل له الرسول رجلاً ليأخذ منه الزكاة فقال:قل لصاحبكم ويعني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله أنه ليس عليَّ زكاة ولن أدفع شيئاً,وهذا حال كل من يتوجه إلى المال بهذه الوجهة الخاطئة جاعلاً المال ربه الأعلى ناسياً من الذي رزقه هذا المال وهو قادر على سلبه منه.
وعليه ترى أئمتنا عليهم السلام كانوا يحذرون الناس من مغبة هذا الأمر الذي يقسي القلب وينسي ذكر الله, روى عن الإمام الصادق عليه السلام جاء فيه: ( أوحى الله عز وجل إلى موسى: يا موسى لا تفرح بكثرة المال, ولا تدع ذكري على كل حال, فإن كثرة المال تنسي الذنوب, وإن ترك ذكري يقسي القلوب).[5]
طول الأمل:
كثيرةٌ هي الأحاديث التي تحذر من طول الأمل, والتركيز على هذا الأمر من قبل الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام, لكون طول الأمل يجعل الإنسان في عالم وهمي مليء بالخيالات غير الواقعية والملهية الإنسان عن اهتماماته الجادة الحقيقية النافعة وفي مقدمتها ذكر الله والتوجه إليه.
ومن جملة تلك الأحاديث الإرشادية الأخلاقية الراقية ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنَّه قال: (أخوف ما أخاف عليكم طول الأمل وحب الدنيا).
كما ورد في حديث من جملة كلام الله سبحانه وتعالى عزه, مع موسى عليه السلام ( يا موسى لا يطول في الدنيا أملك فيقسو قلبك والقاسي القلب مني بعيد).
وكفى الواحد منا بنفسه بصيراً من أمر نفسه ويحاول جاهداً أن يفتح مسامع قلبه لتلك الأحاديث النورانية لينيرَ بها مملكة قلبه, ليسير على هدى من الله ورسوله ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾التغابن8, و يؤسس بنيانه على أساس التقوى من الله حتى لا ينهار وينجرف إلى الهاوية ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾التوبة109.
هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصل اللهم على محمد وآله الأطيبين الأطهرين
وصل اللهم على محمد وآله الأطيبين الأطهرين
سمية- كنز متميز
- المشاركات : 376
جنسيتك : الجزائر
تاريخ التسجيل : 23/03/2008
رد: قساوة القلب
موضوع جميل يا سمية
وابدعتى فى طرحة لكى منى كل التقدير والاحترام
وننتظر جديدك بارك الله فيكى
وابدعتى فى طرحة لكى منى كل التقدير والاحترام
وننتظر جديدك بارك الله فيكى
mo7amed- كنزبرونزى
- المشاركات : 505
جنسيتك : مصر
العمل/الترفيه : التصفح على الانتر نت
لا تعليق
تاريخ التسجيل : 25/03/2008
رد: قساوة القلب
اللهم لا تجعلنا من الذين قلوبهم قاسيا امين امين امين
موضوع رائع ياسمية جزاكي الله كل خير
موضوع رائع ياسمية جزاكي الله كل خير
أم عبد الرحمن- كنز متميز
- المشاركات : 453
جنسيتك : تونس
تاريخ التسجيل : 27/03/2008
مواضيع مماثلة
» القلب هو القلب و القبر صندوق العمل...
» كلامات فى الحب من القلب للقلب
» الدعاء يرقق القلب
» أمور ترقق القلب وتزكيه
» ريحانة القلب من اروع القصائد ارجو لمن راى هذا الموضوع ان يدخل ولا يفوت الفرصة
» كلامات فى الحب من القلب للقلب
» الدعاء يرقق القلب
» أمور ترقق القلب وتزكيه
» ريحانة القلب من اروع القصائد ارجو لمن راى هذا الموضوع ان يدخل ولا يفوت الفرصة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى