التكالب على الدنيا

الحمد لله نعمه لا تحصى، وشكره لايؤدى، فلله الحمد رب السماوات ورب الارض
رب العالمين، وله الكبرياء في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم،
اما بعد،
فقد قال الله تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين في وصف الدنيا واهلها
"اعلموا ان الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال
والاولادي كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما
وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الا متاع
الغرور" ايها الموحدون في هذا القول الكريم اشارة الى حقارة الدنيا
وخستها، وانه لا ينبغي للعقلاء ان يركنوا اليها او يطمئنوا لها، لانها لعب
لاثمرة فيها سوى التعبو ولهو يشغل الانسان عما هو قادم عليه من نعيم
الاخرة، وزينة لا يحصل منها الانسان على شرف ذاته، وتفاخربالانساب الفانية
والعظام البالية، وتكاثر الاموال الزائدة، هذا مثل الدنيا ضريه ضربه الله
تعالى للمؤمنين تزهيدا لهم فيها، وتنفيرا لهم من العكوف عليه
والاطمئنان بنها وتحذيرا لهم من الاعجاب بزينتها والانشغل بحلاوتها.
كذلك وصف سبحانه وتعالى هذه الدنيا وماهي من متاع بالقلة والفناء ،كما وصف الحياة الآخرة ومافيها من نعيم،
ثم انه عز وجل لم يعط احدا من متاع الدنيا القليل الا قليلا، فان هو
احسن فيهله ولم يعص الله حسب حسابا يسير، وان هو اساء ولم يرع حق الله
فيما اعطاه حوسب حسابا عسيرا، فاف لدنيا حلالها حساب وحرامها عقاب،
ان الدنيا دار مالادار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له، وعليها يعادي من لا علم له، وعليها يتهافت من لايقين له،

من افتقر فيها حزن، حلالها حساب، وحرامها عقاب، لاخيرها يدوم ولاشرها يبقى
، فلا تخدعن بها كما خدع من قبلك، فان الذي اصبحت فيه من النعم انما صار
اليك بموت من كان قبلك وهو خارج من يديك بمثل ما صار اليك فلو بقيت الدنيا
للعالم لم تصر الى الجاهل، ولو بقيت للاوائل لم تنقل الى الاواخر ولا خير
فما يزول،
ايها المفتون بزخرف الدنيا، ان الله عز وجل اعطاكم الدنيا لتطلبوا بها
الاخرة، ولم يعطكموها لتركنوا اليها، انا الدنيا تفنى والاخرة تبقى فلا
تشغلنكم الفانية عن الباقية، فان الدنيا منقطعة وان المصير الى الله.
اعتبروا بمن مضى، اين ابناء الدنيا الذين تمتعوا بها طويلا، فارموا
بالدنيا حيث رمى الله بها فلو كانت تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى
الكافرمنها شربة ماء، اتقوا الله ايها الموحدون فان تقواه جنة، ووقاية من
غذابه.
اللهم كما ملأت قلب نبيك محمد عليه الصلاة والسلام بخشيتك ومحبتك املأ
قلوبنا بحبه وحبك، اللهم الف بين قلوبنا اللهم أعزنا وأعنا واحفظنا
يارب العالمين، اللهم انا نسالك الثبات في الامر، ونسالك عزيمة الرشد،
ونسالك شكر نعمتك و وحسن عبادتك، ونسالك ايمانا صادقا، وقلبا سليما،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ويغفر الله لي ولكم وهو الغفور
الرحيم.